بحث هذه المدونة الإلكترونية
تفكر فى تجارب وخبرات حياتية تفكر في آيات الله وأوامره ونواهيه تفكر فى نقد بناء لتصحيح المسار ..
مميزة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
نقد كتاب ذكر شرقى منقرض (١)
الحمد
لله ابتداءً وانتهاءً الذي لولاه لما هُدينا للحق
بسم الله
وبه نستعين،،
بادئ ذي
بدء ،فلا يمكن إنكار الجهد العلمي المبذول من الدكتور (محمد طه) في جمع المعلومات
وتحليلها ،والذي أعطي صورة حقيقية لما وصل إليه حال المجتمع ممثلاً في أفراده ،مما
يعتبر مشكلة لا يمكن تجاوزها.. وكما ذكر الكاتب ،فأن أول خطوات حل المشكلات هو
تحديد المشكلة، وقد تسنى لى قراءة تعليقات
قراء الكتاب على بعض ما ورد به ،فأردت صياغتها لتكون نقدًا بناءً يُنتفع به ،تدركه
البصائر ،وتنجلي به الظلمات.. ولم يكن هذا من منطلق الرأي الشخصي ولكن إفراداً
لآراء شيوخنا وأعلامنا المتقدمين ،وذلك في ضوء أن كلٌ يُؤخذ منه ويُرَد..
أولاً : مُسمى الكتاب
إختار المؤلف عنواناً لافتاً ومثيراً للجدل للكتاب محل نقدنا ،وهذا العنوان هو (ذكر شرقي منقرض).. دعونا نستفصُّ العنوان تفصيلاً.. فلم يكن الكاتب موفقا في اختيار لفظة (منقرض) ،فإن كان اختياره من قِبَل مريض فهو منفر للفظة منقرض وإن كان لوصف الذكورية الشرقية فقد أوصلنا رسالة فى اللاوعى بأن الذكور الشرقيون دون بقية الذكور فى العالم ولكن لأكون منصفاً فإن كل ما ذُكِر من أمراض مجتمعية فما هى إلا درب من دروب البُعد عن هذا الدين القويم كما سيأتي إفراده فيما بعد.. وقد يظن البعض أن الدين متمثلٌ في العبادات الشعائرية فقط ،بيد انه في الواقع منهج معاملات وعادات على كل الأصعدة ،وهو دستور لكل من وحّده سبحانه وأفرد له العبادة بالإتباع والسير على منهاج النبي وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
ثانيًا أسلوب
السخرية والتهكّم
فما رأيت
أسلوبًا تربويًا يهدف الى الإقناع ،يكون قوامه التهكم والسخرية.. لكن الكاتب هاهنا
إنتهج هذا الأسلوب للأسف.. وقد رأيت تعارضًا فجاً في هذا الكتاب، فتارة أرى الكاتب
يتهكم ويسخر من حاملي الصفات الذكورية السلبية،ويعتبرهم في عداد المرضى وتارة أراه يأمر القراء بالتعاطف البنّاء بغية
علاج هؤلاء المرضى أو السعى لتعديل سلوكهم بمعنى أصح.. فبين هذا وذاك قد يضل
القارئ الطريق.
ولأن أسلوب التهكم والسخرية أيسر في تنفيذه، فقد
يسلك القراء منهج التهكم والسخرية إذا ما كان الإصلاح يستلزم المشقة والجهد، فوجب التنويه
لاتباع منهج الإصلاح و كف الأذى عمن يعتبرهم المؤلف في عداد المرضى ،وإن كان لنا
في رسول الله أسوة حسنة ،فقد قال تعالى في محكم تنزيله ،واصفاً رسولنا الكريم:
" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ
لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"
فوجب
علينا اتباع هديه صلى الله عليه وسلم إن كان مرادنا الإصلاح، أما إن كان المراد إشادة
الناس بالعمل؛ فكان أوجب على المؤلف ،أن يعي أن رضا الناس لن يُنال –إجماعاً- على
عمل أبدًا.
ثالثًا
الزواج مبتدءً وانتهاءً
قرأت آراء الزوجات وتعليقاتهم على سلوكيات أزواجهن
،فما وجدت سبباً لتلك السلوكيات -غير المنطقية- سوى بُعد الأزواج عن دينهم الحنيف
،الذي وصفه نبينا الكريم قائلاً : الدين المعاملة ،فلم يغادر هذا الدين صغيرة ولا
كبيرة الا حدد لها القواعد والاصول ،التى سيؤدي اتباعها لفلاح حتمي ،وبالتالى فإن الإعراض
عنها والانسلاخ منها ،سيؤدي –لا محالة- للفشل والخسران.. ولا أقصد الدين ظاهرًا
ولكن ظاهرًا وباطنًا، فعندما سُئِلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان خلقه القرآن
ومن هنا يتضح السبب وراء هذا الصدع الأسري ،إذ أن حجم الأمراض المجتمعية يتناسب طرديًا مع مقدار بُعد أفراده عن الدين.
ولنبدأ
من بداية العلاقات..
نعلم أن الله تعالى شرع ما فيه الخير لخلقه ،لأنه
العليم بهم " ألَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير"
،ورغم ذلك يتجاهل البشر مراد صاحب الشريعة فيما شرع ، فيسلكون درب الخطأ للوصول إلى الحق ،وهو منافٍ لما ارتضاه سبحانه
العالم بخلقه ،فكيف يرجون بعد ذلك نتاجًا طيبًا؟
وإننى أسوق
تجربتى في هذا الصدد ، وأشهد الله أنّي أذكرها لا لمجاهرة بذنب ولكن ليتعظ عموم
الناس..
فبداية من حب الرجل للمرأة ،فالمُحِب يتعلق بمن يُحب ،لدرجة تجعله يتغاضى عن عيوبه.. ولكن بعدما
ينجلي بهاء اللحظات الأولى.. ويرى المحب تلك العيوب بعين العقل ،عيوبا جساما لا تستقيم
بوجودها الحياة ،سيأبى تقبل تلك العيوب ،وربما جعله ذلك يهدم العلاقة بمحض ارادته
لاحقاً..
ولنعلم
ان الشيطان يزين لنا سوء العمل ، كما فعل بأبوينا آدم وحواء وأخبرهما أن منع
الخالق لهما عن الشجرة لئلا يكونا ملكين أو يكونا من الخالدين، بل وأقسم لهما على
نصحه لهما وهو من الكاذبين، وكما كان حال الشيطان مع آدم فإنه حاله كذلك مع بنيه ،ليصدهم عما فيه صلاحهم من الحق.. وللوقوف على أعتاب
حل لهذا الأمر ؛فمرجعيتنا الدينية هي مناط الاختيار لما فيه الخير لرجال الامة ونسائها ، فقد شرع سبحانه أنه إذا أُعجِب رجل
بامرأة فليذهب إلى بيتها وليتعارف عليها من خلال الأهل ، ويسأل القريب والبعيد
ويستخير، فقد أوصى المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم الرجال فقال: "
تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت
يداك."
وكذلك أوصى
ولي العروس فقال : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن
فتنة في الأرض وفساد كبير"، وعند سؤال كلا الطرفين عن الآخر فقد وضع سيدنا
عمر بن الخطاب رضي الله عنه منهجًا عامًا لمعرفة الناس وهو ما روي عنه حينما سأل
رجل عن آخر فبدأ سؤاله عن ثلاث: هل أنت جاره؟ هل سافرت معه؟ هل تاجرت معه بالدرهم
والدينار؟ فلما كانت إجابة الرجل: لا، قال له رضي الله عنه: اذهب فأنت لا تعرفه..
فإذا ما أخذنا بسابق الأسباب ،توجّهنا بعد ذلك إلى رب الأسباب بعلمه للغيب فيرشدنا بالاستخارة، فإذا ما تيسّر درب الارتباط كان هذا من سبيل القبول، وإن تعسّر كان هذا لدلالة الرجوع، وكل هذا في فلك ألا يتضرر أحد الأطراف فلا سبيل لحب مرضي يدعو للتنازل وتحمل الإهانة.
أحد الأمراض الشائعة أيضًا وهو إما بالجهل بدوافع الزواج أو باختيار دوافع تندثر وتختفي مع مرور الوقت، كاختيار الشريك لجماله الظاهري، فكل جميل يفنى رونقه بمرور الوقت وتبقى سريرته، أو كاختيار شريك لماله وهو بيد الرزاق سبحانه وتعالى ولم يُعهد أن الدنيا تسير على وتيرة واحدة، فتارة رخاء وتارة شقاء وعلى مثل ذلك فقس، فينبغي تحرير دوافع الزواج التي تتناسب مع قداسة هذا الرباط الذي ينبغي الحفاظ عليه قدر المستطاع..
أما أثناء الزواج فيرهق ولي المرأة الرجل بالمتطلبات التي لا تتناسب مع الحالة الاقتصادية العامة ويُعْزون ذلك إلى العرف وأن ابنة عمها كُتب لها قدرًا من المهر لا يجب أن تقل هي عنه ..
سبحان الله فلم أعلم تنافسًا وسباقًا إلا فيما يرضي الله عز وجل :
" وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ
الْمُتَنَافِسُونَ "
سباقٌ مبتغاه الجنة التي أعدّها سبحانه لعباده الصالحين ، وإن كان
لا يمكن إنكار سبب عزوف بعض الشباب عن الزواج لخوفهم فإنه لا يمكن الجزم بأن
جميعهم خائفون بل إن هناك مجموع منهم عازف بسبب متطلبات الزواج غير المنطقية والمجحفة
في بعض الأحيان، فهل ننتظر من رجل يكابد حتى منتصف الثلاثين أو بداية الأربعين لينال
حقًا من حقوقه الآدمية أن يكون سويًا؟؟
ولنرى..فهل استقامت الحياة مع المغالاة في متطلبات
الزواج؟ فلقد جربنا العادات والتقاليد وأوصلتنا إلى نسب طلاق غير مشهودة من قبل
حتى في المجتمعات الغربية.. ولن أتحدث عن التحرش كنتيجة حتى لا يُظَن بذلك أننى
أضع المعاذير لهذا الأمر، ولكن سأتحدث عن حالات الزنا، فرغبة الرجال في النساء
ورغبة النساء في الرجال فطرة فطر الله الناس عليها وشرع لهم الزواج تحليلًا لهذه
الفطرة فما إن يتم المنع حتى يقع المحظور، وضابط الأمر لولي العروس يتبدى في حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه
فزوجوه " فهل الدين والخلق كافيان للزواج ؟ لا، وهو ما نصح الرسول صلى الله
عليه وسلم به الشباب فقال: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج " وقد أقر
علماء الحديث في شرح الباءة هي الإستطاعة بشقيها ،والمقصود الاستطاعة البدنية (فلا
يكون مريضًا بمرض جنسي أو عضوي دائم يضر معه زوجته) ،وأيضًا الاستطاعة المادية (فلابد
لحصول الزواج من مهر وإن كان رمزيًا)
وقد رُوي أن مهر فاطمة إبنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يعادل إثني عشر ألفًا من الجنيهات في عصرنا الحالي)، وكان مهر بعض
الصحابيات حفظ القرآن الكريم وغيره من صور المهور التى يزخر بها تاريخ الصحابة ،ويجب
علينا الرجوع إليه وإعماله في حياتنا ابتغاء البركة..
ومع الدين والخلق
والباءة ،يجب ان تتوافر الكفاءة بين الطرفين.. ففي الغالب لا يستقيم الأمر بين
طرفين بينهما فجوة اجتماعية او مادية إلا من رحم ربي..
كذلك ينبغي تتبع منهاج
النبوة والصحابة لكي تستقيم فترة ما قبل الزواج بين الرجل والمرأة مع معرفة واجبات
وحقوق كلا الطرفين ،فيقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"تُقام البيوت على
الإسلام والأنساب"
فإلى جانب الحقوق والواجبات الشرعية يكون جانب
الإحسان والعفو بين الطرفين على السواء لقوله تعالى:
"وَلَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ "
وهو ما قال عنه ابن
عباس رضي الله عنهما:
"إني لأتزيّن لامرأتي
كما أحب أن تتزيّن هي لي "
لأن الله تعالى يقول:
"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ "
فإذا ما تم العقد وجب على كلا الطرفين تعظيم هذا العقد والعمل بمقتضى
عظمته فلا يجور الرجال على النساء لعدة أمور :
أولها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها:
"استوصوا بالنساء خيرًا"
وقوله أيضًا:
"رفقًا بالقوارير"
ثانيها
أن مقتضى القوامة ليس لأجل التحكم الجائر في المرأة ولكن للحماية والرعاية وهي مسئولية وأمانة ثقيلة يُسأل عنها كل راعٍ يوم القيامة من رب العالمين فإذا علم كلا الطرفين قدرهما من عبودية لله ومذلة وخضوع لعظمته استشعروا هوان الدنيا وأمورها ولتلاشت الشخصية النرجسية والسيكوباتية من البيت المسلم ،الذي ينسلخ أفراده من أهوائهم منصاعين لأوامر ونواه من العليم الحكيم ،تستجلب الخير والسعادة والفلاح.
يتبع ......
تعليقات
إرسال تعليق