بحث هذه المدونة الإلكترونية
تفكر فى تجارب وخبرات حياتية تفكر في آيات الله وأوامره ونواهيه تفكر فى نقد بناء لتصحيح المسار ..
مميزة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا
قد اخترت موضوع الدعاء بكل ما
فيه من خير للمؤمن.. وسوف افرد في هذا الموضوع كل ما يتعلق بالدعاء من حيث الكيفية
والآداب ومواطن استجابة الدعاء ،وأسباب الاستجابة ،وخيرية التاخير..... وغيرها من الموضوعات
،والآن فلنبدأ بسم الله..
*************
في البداية يجب أن نعلم أن الدعاء عبادة قائمة على اليقين ، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل :
"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ"
وقال :
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"
فقد بين سبحانه من خلال تلك الآيات حتمية الاستجابة إذا ما
لجأ المرء إلى ربه بالدعاء ،إذاً فالاستجابة
وعد إلهى.. ولأن ربنا هو السميع وهو المجيب صادق الوعد ،فيجب أن يترسخ لدينا اليقين
بحتمية الاستجابة ،وإن تأخرت .. فلتوقيت الاستجابة حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه..
فنحن لسنا آلهة نأمر فنطاع ،بل نحن عباده سبحانه ،ندعو وما علينا إلا انتظار الفرج
،والمنة باستجابته لأدعيتنا في التوقيت الذي يراه خيراً لنا بعلمه وحكمته.
فهب الدعاء
رحلة ودرباً تسلكه الى مقصدك ،وقد تطول الرحلة أو تقصر ،لكنك ستصل في النهاية
حتماً.
وكما في كل رحلة
نرتحلها ناخذ معنا الزاد والراحلة .. كذلك في رحلة الدعاء ،لن تكتمل الرحلة بغير
هذين:
أولاً..
الزاد
آداب
الدعاء
١-اجلال الله وتعظيمه:
بادئ ذى بدء ،فإن
الإنسان إذا تحدث إلى عظيم ،فإنما يسبغ عليه عبارات الإجلال والتعظيم ،و يدعوه بأحب
الأسماء إليه.. أفلا يكون الله عز وجل أولى بالتعظيم والإجلال عندما نقف بين يديه
في مذلة وخشوع ندعوه ونبتغى قضاء حوائجنا؟ لذا فيجب على المؤمن معرفة أسماء الله وصفاته
التى تناسب الأمر الذي ندعوه من أجله سبحانه.
٢-الصلاة على
الرسول:
فقد روى
أبو داود والترمذي من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم
فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ،
ثم يدعو بعد بما شاء .
وعن علي
رضي الله عنه قال " كل دعاء محجوب حتى يصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم
وقد قال ابن القيم " يستحب أن يصلى المرء على النبي في أول
الدعاء وآخره ، ويجعل حاجته متوسطة بينهما "
٣-الخضوع والتذلل
بين يدي الله:
ربما من الأفضل أن
ندعو الله سبحانه بما دعاه به أصفياؤه من النبيين والرسل ،فاستجاب لهم ما دعوا.. وقد
ورد بالقرآن الكريم صيغاً عدة لدعاء الأنبياء عليهم صلوات الله وتسليمه ،وكان لكل
دعاء مناسبة وسبب ،نتعلم من خلاله كيف ندعو الله فيها.. لكننى أرى أن الدعاء هو
صلة من نوع خاص بين العبد وربه ،وما أجمل أن يكون المرء تلقائياً في دعائه ،يدعو
بما في قلبه من أمنيات دنيوية وأخروية دون صيغة مملاة ،يدعوه بلسان
الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والطلاقة ،يدعوه دعاء الراغب الراهب المستكين ،الخاضع
المتذلل الفقير إلى ما عند ربه المعطى الوهاب ،مُقراً بذنوبه ،خاضعا خضوع المقصرين
،يرى أنه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، قال ابن القيم رحمه الله : إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوي
رجاؤه فلا يكاد يُرد دعاؤه ،وقال ابن عطاء " تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه ،
تحقق بذلّك يمدك بعزته ، تحقق بعجزك يمدك بقدرته ، تحقق بضعفك يمدك بقوته..
فإذا انكسر العبد بين يدي ربه وبكى وتذلل وأشهد الله فقره إلى ربه في كل ذراته الظاهرة
والباطنة عندها فليبشر بنفحات من فضل الله ورحمته وجوده وكرمه ،لذا إرفع يديك
وابسط كفيك، فالله حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين.
٤-اليقين بالإجابة
واستحضار القلب:
فيجب على المؤمن ان يكون حاضر
القلب ،مدركاً لألفاظ دعائه ومعانيه ،مقبلاً على ربه حال الدعاء ،موقناً بصدق وعده
بالإجابة.. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادْعُوا الله وأنتم موقنون
بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاهٍ
٥-الإلحاح في
الدعاء:
أخي.. كن عبداً
ملحاحاً علي ربك سبحانه بتكرار ذكر ربوبيته، وهو أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء..
والله تعالى يحب الملحين في الدعاء ،لأن الإلحاح يدل على صدق الرغبة وأعلم أن من
يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له.
٦-الجزم في الدعاء:
فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا أحدكم فلا
يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم
الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه
وهذا يعنى أن تقصد الله بعظيم رجائك ،فمهما بلغت عظمة رجائك ،فإنها –لاريب- تتضاءل أمام عظمته وقدرته سبحانه جل وعلا.
٧-ألا تدعو بإثم أو قطيعة رحم :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَزَالُ يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
فكيف يتوقع العبد أن يُقبل دعاؤه ويُستجاب وهو يدعو بما يغضب الله؟
وكيف يأمن أن يكون له كفلٌ من دعائه السئ هذا فيصيبه في نفسه أو أهله أو ماله؟
فاتقوا الله إخوانى.. وليكن دعاؤكم بالخير للآخرين إمتثالاً لقول رسولنا الكريم :
دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب
مستجابة ، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك
بمثل ما دعوت به.
٨-عدم تعجل الإجابة :
أخبرنا المولى عز وجل أن
العجلة من صفات البشر الأصيلة ،إذ قال في كتابه العزيز:
"خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ"
وقال جل وعلا:
"وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ
بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا"
فكيف نتعجل إجابة
دعائنا رغم جهلنا بالغيب ،وما قد يصيبنا من شر وهلاك ،إذا ما استجاب الله لنا هذا
الدعاء في التوقيت الذي نراه نحن مناسبا؟ كيف لا نستسلم لأقدار كُتبت وفقاً لعلمه
وحكمته سبحانه ،ونستطيل أمد البلاء ،فنتذمر من الانتظار نتيجة لضيق أفقنا ومحدودية
بصيرتنا؟ أهذا خير أم أن نصبر ونرضى فننال خيري الصبر والإجابة؟
فتذكر أخى أن ليس كل
ما نرجوه هو الخير لنا كما قال المولى سبحانه:
"وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ
لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
وعن تعجل
الإجابة ،قال ابن القيم: "ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد
ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل
يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله "
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ ما لم يَعْجَل، يقول دَعَوْتُ فلم يستجب لي
فلا تتعجلوا
الإجابة ،وامتثلوا لأقدار من لدن عليم حكيم ،تحظوا بالفوز العظيم في الدنيا
والآخرة.
ثانياً :الراحلة
متى تسجاب دعوتك؟
١-الإخلاص
في الدعاء:
قال تعالى
:
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
فقد أمر الله تعالى عباده بالإخلاص
في العبادة ،ولأن الدعاء عبادة ،إذ انه حديث خاص بين العبد وربه ،لذا استوجب فيه
الإخلاص.. ومعنى الإخلاص هو أن تعبد الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فهو يراك..
فما أروع تلك اللحظة التخيلية ،وأنت مع الله تراه ويراك ،وتسر إليه بأوجاعك
وحاجاتك ،بينما يستمع إلى شكواك ،ويرأف بحالك ،ويهبك مبتغاك ومأربك.. فحين تستشعر
الإخلاص في الدعاء ،فتأكد ان الأبواب المؤصدة على وشك أن تفتح مغاليقها.
٢-تحرى أوقات الإجابة:
لا شك أن كلاً منا
يدعو آملاً في الإجابة ،ولقد ورد في الأحاديث النبوية مواطن إجابة الدعاء التى يجب
أن يتحراها المؤمن رغبة في أن يمن الله عليه بالاستجابة ،وهذه الأوقات التى يجب
على المؤمن أن يترصدها طمعاً ورغبة في استجابة دعائه ،فمثلاً عند نزول الغيث ،والدعاء
في موضع السجود ،الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل التسليم ،الدعاء في الثلث الأخير
من الليل ،الدعاء بين الآذان والإقامة ،الدعاء في يوم الجمعة قبل صعود الخطيب إلى
المنبر ، الدعاء في الساعة الأخيرة من نهار يوم الجمعة (قبل آذان المغرب بساعة) ، الدعاء
في ليالى رمضان وخاصة العشر الأواخر منها ، تحري ليلة القدر والدعاء فيها ،والدعاء
في يوم عرفة.. كذلك يجب على العبد اغتنام الحالات التى يستجاب فيها الدعاء ومنها دعوة
الصائم حتى يفطر ،دعوة المسافر حتى يعود ،دعوة المريض حتى يبرأ ،دعوة المظلوم ،دعوة
الأم لأبنائها ،وأن تدعو لأخيك بظهر الغيب..
فيجب على المؤمن
أن يتحرى أوقات وحالات الاستجابة ،فرسولنا ما ينطق عن الهوى ،وإن كان قد ارشدنا
إلى تلك الأوقات ،فلخير ابتغاه لأمته.
٣-الإضطرار:
قال تعالى في
كتابه العزيز :
"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ
السُّوءَ"
وقال عز من قائل :
"قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ
لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ"
ويرد سبحانه
بالإجابة المنطقية:
"قُلِ اللَّهُ
يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ"
فالإضطرار يا إخوتى
هي نقطة التقاء الدعاء بالاستجابة.. فحينما تنقطع كل الأسباب ،ولا يكون لنا ملاذ
سوى رب الأسباب ،حينها ينقلب كل شئ ،ليستجيب المجيب رغم استحالة الأسباب ،وينجينا
برحمته ولو كنا في بحر لجى.. وكيف لا وأمره بين الكاف والنون؟ كيف لا وهو القادر
القدير المقتدر؟ فهو وحده يسمع ويرى ،وهو الرحمن الرءوف ،الذي يرأف بحالنا دون
الخلق فينجينا من كرباتنا ،ويخرجنا من حلق الضيق إلى أوسع الطريق برحمته وفضله..
كيف
تكون مستجاب الدعوة
١- تقوى الله:
وإنما تقوى الله تكون بفعل الطاعات، واجتناب
المعاصي، مما يترتب عليه أن يجعل الله لنا من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ،
وقد قال تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ
سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ"
وقال كذلك:
"وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
ۚ"
وقال في نفس السورة:
"وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"
لذا فإن تقوى الله من الأسباب التى تجعلك مستجاب الدعوة .
٢-عمل صالح:
قدِم بين يدي
دعائك عملاً صالحاً كصلاة أو صيام أو صدقة أو نسك ،فإذا كان الدعاء بعد الصلوات أرجي
للإجابة ،ذلك لأنه وقع بعد عمل صالح ، فالدعاء يا اخى يرفعه العمل الصالح ، فجرب
أن تدعو عقب دمعة من خشية الله ، أو حاجة مسلم قضيتها ، أو صدقة في ظلام الليل
بذلتها ، أو جرعة غيظ كظمتها وتحملت وجعها وأبشر والله بسرعة الإجابة.
٣-التوسل إلى
الله بالاعمال الصالحة:
توسل الى الله بأعمالك الصالحة التي فعلتها ابتغاء وجهه الكريم .. فالعمل الصالح شفيع لصاحبه في الدنيا والآخرة ،طالما يحدوه الإخلاص.. ولعل لنا عبرة من حديث رسولنا الكريم في قصة الثلاثة الذين توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بينما ثلاثة نفر يمشون، أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض أنظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها لعله يفرجها عنكم قال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صِبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي أسقيهما قبل بني، وإني استأخرت ذات يوم فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما وأكره أن أسقي الصبية، والصبية يتضاغون عند قدمي حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلته ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله فرأوا السماء.
وقال الآخر اللهم إنها كانت لي بنت عم أحببتها كأشد ما
يحب الرجال النساء، فطلبت منها فأبت علي حتى آتيها بمائة دينار فبغيت حتى جمعتها
فلما وقعتُ بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت
، فإن كنت تعلم أني فعلته ابتغاء وجهك فأفرج عنا فرجة ففرج.
وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجيراً بفرق
أرز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى
جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني فقال إتق الله ،فقلت اذهب إلى ذلك البقر ورعاتها
فخذ فقال: إتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فخذ، فأخذه، فإن كنت
تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج ما بقي، ففرج الله. وفي رواية فخرجوا يمشون. فالتوسل الى الله بصالح الاعمال وأخلصها من
أسباب استجابة الدعاء. |
٤-عليك بمجالس الذكر:
فالله سبحانه
وتعالى يستجيب دعاء من يشهدون مجالس الذكر ويغفر لهم ببركة جلوسهم فيقول : أشهدكم
يا ملائكتي إني قد غفرت لهم ، فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم وإنما
جاء لحاجة ، فيقول الله : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم
فارتد يا أخي
ثياب الصالحين تحسب منهم ،وزاحم بمنكبيك مجالسهم،ترحم بسببهم.
٥-التوبة :
تب إلى الله
من كل المعاصي وأعلن الرجوع الى الله تعالى ، فإن اكثر اولئك الذي يشكون من عدم
اجابة الدعاء آفتهم المعاصي فهي خلف من كل مصيبة .
قال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه : بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء ،وقال بعض السلف : لا
تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي..
أخي : إن مثل
العاصي في دعائه كمثل رجل إستعدى ملكاً زمنا طويلا ، وجاءه مرة يطلب مسألة . أتراه
يُدرك مسألته ؟ كلا ،فلن يكون ذلك إلا إذا صفا الود بينه وبين ذلك الملك ،فما
بالكم بملك الملوك؟
٦-أطِب مطعمك
:
إخوانى.. تعلمون إن الله طيب لا
يقبل إلا طيباً وقد قال تعالى في كتابه العزيز :
"يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ
إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"
فهذا سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه ،إشتهر بإجابة الدعاء ،فكان إذا دعا ارتفع دعاؤه واخترق
الحجب فلا يرجع إلا بتحقيق المطلوب ،وكان سعد يقول : ما رفعت إلى فمي لقمة إلا
وأنا عالم من أين مجيئها ،ومن أين خرجت.. ذاك هو سر استجابة الدعاء ..الرزق الحلال..
وفي ذلك يقول
رسولنا الكريم :
إن الرجل
يطيل السفر ، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء فيقول : يارب يارب ،ومطعمه حرام ومشربه
حرام ،وملبسه حرام ،وغذي بالحرام ،فأنى يستجاب لذلك؟
فأطب مطعمك
،يستجاب دعاؤك.
٧-الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر:
فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه
وسلم: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث
عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجاب لكم
.إذاً من هذا الحديث الشريف يتبين لنا أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من أسباب استجابة الدعاء ،وأن الحيد عنهما من
أسباب البلاء والابتلاء ،غضباً وعقاباً من الله وغيرةً منه سبحانه على حدوده واوامره ونواهيه.
كم مرة قرأنا
فيها كتاب الله وتوقفنا عند دعاء أسر به نبي إلى ربه ،ففاجاه بمعجزة مستحيلة ،هو
عليها هين سبحانه.. ولنا في انبياء الله وأصفيائه القدوة والمثل ،وهنا أسرد لكم
بعضاً من دعاء الأنبياء ،ونتائجها الفورية من لدن من أمره بين الكاف والنون:
١-دعاء زكريا
عليه السلام:
"هُنَالِكَ
دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً
طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ"
فكانت
الاجابة التى رتقت أحزانه:
"فَنَادَتْهُ
الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ
يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا
وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ"
وفي قوله تعالى :
"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ
خَيْرُ الْوَارِثِينَ • فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى
وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"
فكانت الإجابة:
"فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا
يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا
لَنَا خَاشِعِينَ"
طلب زكريا الذرية ،فلم يرزقه الله بولد فحسب بل
أصلح الله له زوجه ،و جعل ابنه يحيى نبياً وليس شخصاً عادياً.. إنه أكرم الاكرمين
،إذا أعطى جاد ووفى.
٢- دعاء أيوب عليه السلام:
"وَأَيُّوبَ
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"
فكانت
الاستجابة التى تليق بالكريم الوهاب :
"فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم
مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ"
٣- دعاء
يونس عليه السلام:
"وَذَا
النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ
فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ"
فكانت
الإجابة بعد العفو والمغفرة:
"فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"
٤- دعاء
نوح عليه السلام:
" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا
عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ • فَدَعَا
رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ"
فماذا كانت
النتيجة:
"فَفَتَحْنَا
أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ • وَفَجَّرْنَا
الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ • وَحَمَلْنَاهُ
عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ • تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ • وَلَقَد
تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ • فَكَيْفَ
كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ"
٥- دعاء مؤمن آل فرعون:
"فَسَتَذْكُرُونَ
مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ"
فكانت الإجابة:
"فَوَقَاهُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ"
٦- دعاء
سليمان عليه السلام :
"قَالَ رَبِّ
اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ
أَنتَ الْوَهَّابُ"
فكانت الإجابة :
"فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ"
٧- دعاء طالوت وجنوده :
"وَلَمَّا
بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا
وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"
فكانت الإجابة:
"فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ"
٨-دعاء المؤمنين:
"رَّبَّنَا
إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا
ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا
وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ • رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ
رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ"
فكانت الإجابة:
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ"
ومن خلال
تلك الأمثلة يتبين لنا الآتى :
• إن القاسم
المشترك في أدعية الأنبياء والصالحين ،هو تنزيه الخالق عن كل نقص والثناء عليه بما
هو أهل له ،وبما اختار لنفسه من أسماء وصفات.
• اليقين
بالإجابة لأنه سبحانه القادر على كل شئ وأمره بين الكاف والنون مهما بدى الأمر
مستحيلاً.
• الفاء بعد
الدعاء تدل على سرعة الاستجابة .
وهنا أكرر أحبتى ذكر حديث رسولنا الكريم :
لا يزال العبد بخير ما لم يَعْجَل،
يقول دَعَوْتُ فلم يستجب لي..
فاللهم يا أكرم الأكرمين ،يا سميع يا مجيب الدعاء أجب دعوات عبادك وإمائك المضطرين بما فيه الخير لهم إنك انت الوهاب..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عبدالرحمن القاضى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق