بحث هذه المدونة الإلكترونية
تفكر فى تجارب وخبرات حياتية تفكر في آيات الله وأوامره ونواهيه تفكر فى نقد بناء لتصحيح المسار ..
مميزة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
وَعْدَ اللَّهِ حَقًّاً (٤)
قد يظن غير العاقل أن صدق الوعد يكون في الآخرة فقط ،فيستطيل العهد وينكص على عقبيه ناسياً كان أو متناسياً أن سنة التداول باقية مادامت السموات والأرض ،فاليوم رفعة ،وغداً ذلة ،والعكس .. وهكذا الأيام دول ،فالحمد لله مالك الملك ،مقدر الأقدار على كل حال ،فهو القادر على أن يبدل عسرنا يسراً ويرفع عنا البلايا والمحن ،ويجعل الله في كل أمورنا خيراً ،وقد قال عز من قائل:
"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
ولأن دوام الحال من المحال ،وإننا لا يجب أن نجزع من مقادير كتبها علينا الحكيم العليم يقيناً في حكمته ورحمته ،وكذلك لأن السنة الكونية تؤكد أن دوام الحال من المحال ،وكما يقول الشاعر ابو البقاء الرندى:
لكلِ شئٍ إذا ما تمَّ نُقصانُ .. فلا يُغَرُّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُوَلٌ .. من سرَّه زمنٌ ساءتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقى على أحدٍ .. ولا يدومُ على حالٍ لها شآنُ
وإن كان حال هذه الدنيا لا يدوم ،فإنما ذلك لتمحيص المؤمن ،وإمهال الظالم كما بينَّا آنفا..
ويجب أن ندرك جيداً أن النصر يكون في الدنيا والآخرة معاً ،وليس في إحداهما فقط لقوله تعالى :
"إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ"
فلا تستطيلن العهد إلى الآخرة ،ولا يمسنك من الشيطان نزغٌ ،فتقنط من رحمة الله ،بل اصبر وانتظر متيقناً ،إنما هي أيام معدودات ويتحقق الوعد في الدنيا ..
وانظر إلى الشاعر محمود سامى البارودى ،الذي كتب تلك الأبيات ،مخاطباً الظالم ،مُذكراً إياه بأنه إلى فناء كيلا يغتر بملكه ،ويتذكر يوم المشهد العظيم ،حين يقف بين يدي الحكم العدل فيقتص منه.
يا أيهـــا الظــــالم في ملكه .. أغرك الملك الذي ينفدُ؟
إصنع بنا ماشئت من قسوة .. فالله عدلٌ ،والتلاقي غدُ
وكذلك لا يجب أن يورث طول الأمد قسوة القلب ،والنكران والجحود ،لأن العارفين بالله يدركون يقيناً أن لكل أجل كتاب ،ومدبرالأمر يحكم ،إستنادا على علم من لدنه وحكمة ،خفية كانت أو ظاهرة.. لذا قال عز وجل في محكم آياته :
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ"
فالأمد وإن طال ،يجب أن يورث اليقين ،ورقة القلب ،والتأدب في الطلب من مالك الملوك بالتضرع لجلاله ،والإنابة والتوبة عن الذنوب التى تكون في الغالب هي سبب البلاء.
وأخيرا.. فإن المولى عز وجل أكد لنا صدق وعده ،وإنه آتٍ لا محالة وذلك في غير موضع من القرآن العظيم ،فقال تعالى :
"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ"
وقال كذلك :
مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ
وقد أكد لنا المولى عز وجل ،أن وعده آتٍ لا محالة وذلك في غير موضع من القرآن العظيم ،فقال تعالى :
" إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا"
ولعل الخطوة الأولى للتصديق ،هي أن نحقق مفهوم العبودية الذي من مقتضاه تمام التسليم لأقداره وأحكامه دون تذمر أو سخط ، وإن أصدق درجات الإستسلام هي الخضوع دون تكبر وطغيان ،دون قيد أو شرط ،فإنما نحن عباد له سبحانه.. فهو القائل عز وجل :
"إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا"
فإن تأملنا آياته سبحانه ،أنار الله طريق الحق أمامنا ،فيهون علينا كل بلاء وإن طال ،ولسلمت أنفسنا بعظم جزائه في الدنيا والآخرة .. وبعد أن تبينت لنا الطرق ،أصبح علينا فقط الإختيار بين سلوك طريق الحق أو الضلال.. ذلك الإختيار الذي يتحدد على أثره مآل العبد في الآخرة ،فيرى أن وعد الله حقاً ،فالجنة للمتقين ،بينما لا مرد لعذابه عن المجرمين ،الذين تكبروا وأنكروا وعده ووعيده سبحانه ،لذا قال في محكم التنزيل :
"سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ"
إذاً فالسبيل إلى التصديق يبدأ بالخضوع التام والتسليم ،يتبعه رؤية الحق ،ثم الوصول إلى الغاية ،ألا وهي التصديق بوعد الله ووعيده.. وصدق الله ،ومن أصدق من الله قيلاً...
والله الموفق والمستعان،،،،،،
الحمدلله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله
تمت بحمد الله
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق