التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مميزة

كإبلٍ مائة (ومضة العتماء)

  ومضة العتماء كإبلٍ مائة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة" ( رواه البخاري بإسناد صحيح)  ومضة أخرى برقت في ذاكرة الشاب، لطالما أضاءت له عتماءه على مدار عمره المنصرم؛ الأصدقاء. ربما كان يتحير سالفًا بسبب ندرة صداقاته، لقد كان الكثيرون يحيطون به، بينما لم يتعد أصدقاؤه أصابع يديه عددًا، لماذا؟ هل كان لمفهوم الصداقة لديه قدسية من نوع خاص جعلته يدقق بحذق فيمن يستحق هذا الوسام؟! أم أنه يفتقر إلى الكاريزما التى تجذب الرفاق إليه؟ وبالرغم من نقاء مشاعره إزاء الآخرين، ومساعيه الدءوبة لخدمتهم وإسعادهم كلما أمكن له ذلك؛ فقد لازمه شعور خفي بأنه شخصٌ منزوٍ وانفرادي، وغير اجتماعي. ظل يحتفظ بذاك الشعور حتى أدرك أخيرًا أنَّ قلة أصدقائه؛ هي في الواقع قلة انتقاء واصطفاء لا قلة انطواء وإقصاء. ربما سمحت له محنة الأسر بأن يعيد توصيف الحالة برمتها. تأمل الشاب ذاته؛ فأدرك أنّ الانطواء لم يكن شيمته في الأساس، بل كان نوعًا من التريث، وكان تريثه ينطوي على عدة مراحل: -المرحلة الأولى: هي استكشاف سمات العز والفضيلة في...

أخيتى العروس (٦)


النصيحة الحادية عشر:

عملك عبادة

لا أعلم إن كانت كلماتى سترضيكِ أم لا ،ولكننى عودتكِ مني على أمين النصح دون مواربة أو مُراءاة.. أخيتي الغالية.. تعلمين أن مرجع عملنا هو طاعة الله ورسوله في كل أمورنا.. إذ قال تعالى في محكم التنزيل:

" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "

إذاً فالغاية من الخلق هي عبادته جل وعلا ،وبذلك تكون القاعدة الأساسية التى يجب انتهاجها هى أن كل أعمالنا يجب أن تكون عبادة للواحد القهار.. وقياساً على ذلك فإن دور المرأة المسلمة يعتبر من أَجَّل العبادات التى يصلح بها المجتمع الإسلامى ككل:

- فمن أعظم ما تقوم به المراة كزوجة: هو كفاية زوجها ما حرم الله.. ففيما يتعلق بالعلاقة الخاصة بينهما ،يجب على المرأة ألا تهجر فراش زوجها ،أو تتمنع عنه وتصد رغباته واحتياجاته الجسدية التى كفلها له الشرع فتأثم بذلك إثمين ،إثم عصيانها له ،وإثم دفعه للحرام.. لذا قال الرسول الكريم ﷺ :

"  إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجتَهُ لِحَاجتِهِ فَلْتَأْتِهِ وإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّور"

كذلك يجب الحرص على أن تبدو أمامه دائمأ في أفضل صورة ،فتتزين له ،وتستقبله ببشاشتها  لتذيب ابتسامتها هموم يومه.. لا أن تبادره بالشكوى والمشاكل ،وألا تؤذيه قولاً أو عملاً فعن معاذِ بنِ جبل عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ " لا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيا إِلَّا قالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ الْعِينِ: لا تُؤْذِيه قَاتلَكِ اللَّه، فَإِنَّمَا هُو عِنْدَكِ دَخِيلٌ، يُوشِكُ أَنْ يُفارِقَكِ إِلَينا  "

-أما بالنسبة لدورها كأم : فلا يختلف في أهميته عن دورها كزوجة.. إذ تكمن في تنشئة جيل مسلم قوى علماً وخُلقاً وجسماً ،وإن كان البناء يبدأ دوماً بلبنة ،فلبنة المجتمعات الأُسَر.. وللمرأة -بلا ريب- الدور الأصيل في وضع تلك اللبنات ،لإرساء دعائم قوية يجابه بها أبناؤنا أعاصير الفتن المتوالية التى يصدرها لنا الغرب.. فما نرتجيه من عز أجدادنا الأُول من الصحابة والتابعين ،لا يتأتى بمحض أمانى ،بل يُنال بالعمل.. واعلمى أنه كما قال الشاعر :

الأم مدرسة إذا أعددتها   **  أعددت شعباً طيب الأعراق

-طلب العلم : إذا استطاعت المرأة الوفاء بالتزاماتها كزوجة وأم وتبقى لها من الوقت ما يسمح لها بدراسة العلوم الشرعية أو التربوية ،وغيرها من العلوم النافعة لها ولأسرتها ولدينها ولمجتمعها الإسلامى ،فلتفعل.. ولتنشر ما أفاض الله عليها من علم وحكمة لتفيد الآخرين ابتغاء الخيرية والأجر من الله جل وعلا ،كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)

- العمل: الأصل للمرأة هو المكوث في المنزل طالما لا تقتضى الضرورة غير ذلك ،فكما ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : "الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ بِرَوْحَةِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا "

 وقد قال تعالى في محكم التنزيل :  

" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ "

فإن كان لطلب العلم أهميته في تحقيق النفع للأسرة والمجتمع ،فالأمر يختلف فيما يتعلق بالعمل.. فلا يجب ان تتأتى الرغبة في العمل فقط من أجل شعارات بالية للحرية والمساواة ،فتلك الأفكار ما هي إلا مستنقع عفن مستجلب من المجتمعات الغربية الفاسدة ،لتشغل المراة عن دورها الرئيس كزوجة وأم ،لها الدور الأعظم في بناء وإصلاح المجتمع.. وتشككها في دينها العظيم الذي كفل لها كل معان التقدير والرفعة التى تطمح إليها نساء الغرب.. واعلمي يا مدللتى أن القرار في البيت لم يكن أبداً بقصد الحبس الإجباري ،إنما هو للحفاظ عليكِ من الفتن والمهالك..

وإذا كان الأصل هو إلتزام الزوج -وحده- بالإنفاق على الأسرة ومن ثم عليكِ ،ذلك بموجب قوامته المكلف بها بأمر الله عز وجل:

"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ "

ولكن قد تجبرك الظروف الإقتصادية على النزول للعمل ،لتشاركى زوجك في تحمل الأعباء المادية للأسرة والأبناء.. إلى هنا فالنية مشكورة لكِ.. ولكن لا تنازعيه أبداً فيما جبله الله عليه من قوامة ،وإن كان مالك أكثر من ماله ،فلا تشعريه -قط- بضآلته وضيق حاله.. بل اصبري وارضي وسيغنيكما الله من فضله إن انتهجتما الصلاح والتقوى.

ويجب أن تعلمى يا حبيبة الفؤاد إنك في رحلة عملك تلك ،قد لا تجدين مناصاً من الإختلاط ،فيكون محطة إجبارية في تلك الرحلة.. ولكن ما عليك هو أن تعلمى جيداً ضوابط هذا الإختلاط وتسعين لتطبيقها في تعاملاتك مع الجنس الآخر:

-حاولى أن يكون لكِ عملكِ الخاص ،فإن لم يتسنى ذلك فابتغى مجالات العمل التى تجنبك الإختلاط كمجال التعليم مثلاً.. فإن لم يتيسر ذلك ،فاحرصي على تطبيق الشروط والضوابط الشرعية لهذا الإختلاط الإجبارى ،فيما يتعلق بهيئتك وملبسك وحديثك مع الجنس الاخر مع مراعاة ترتيب الأولويات ،وليكون شعارك " الأسرة دائماً في المقدمة ".

- في زمن كثرت فيه الفتن ،أصبح هناك صنف من الرجال يجد لذته في إستمالة النساء بمعسول الكلمات للإيقاع بهن ونيل إعجابهن.. فاحذري الحديث عن مشكلاتك العائلية مع زملائك ،فقد يكون حديثك مدخلاً لهذا لشيطان ،فيعزف بها على أوتار جراحك ،ويؤجج مشاعر غضبك تجاه زوجك رويداً حتى يُفسد حياتك فتكونى من الخاسرين..

-إذا كان رب العمل رجلاً ،فإياك أن تصبح أوامره مقدمة على أوامر زوجك ،فهذا يأباه الشرع جملة وتفصيلاً.. كأن يأمرك بالتأخر في العمل ،أو أن يأخذ الحديث بينكما منحً لا يليق كأن يتجاوز في حديثه معك بعذوبة ،أو أن يزجرك أو ينهرك حال خطئك سهواً.. فأنت جوهرة ثمينة ،تصان ،لا تهان..

-إجعلى القرآن شرعتك ومنهاجك.. وتذكرى دائماً قول الله تعالى في كتابه العزيز:

 " إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا "

فاجعلى تلك الضوابط الشرعية صوب عينيك دائماً في ملبسك وحركاتك وسكناتك ،في حديثك وصمتك.. ،درءً للفتنة وطاعة لله عز وجل ،وحفاظاً على مشاعر زوجك.. فالإختلاط وما يستتبعه من مواقف وكلمات ،يجعل قلوب الرجال تغلى كالمراجل غيرةً ووجعاً.. فلا تكونى عوناً للشيطان عليه.. ولا توقدى نار الغيرة في صدره ،فتحرق مودته لك وتُفسد حياتكما بشقاق وشجار لا ينتهيان.

-إستجلبي الرزق إلى بيتك بالتقوى والإستغفار.. فالقرآن العظيم دائماً هو المفتاح لكل المغاليق ،لذا تحري مفاتيح الرزق والسعادة في محكم آياته:

" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"

 وقال كذلك سبحانه:

" فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا • يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا • وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا"

 فتعبدي لله بهذا العمل العظيم الذي اختصك به دون الرجال.. لعظم شأنك ،ولعلمه سبحانه بقدرتك على حمل تلك المسئولية الجليلة.


تعليقات

المشاركات الشائعة