بحث هذه المدونة الإلكترونية
تفكر فى تجارب وخبرات حياتية تفكر في آيات الله وأوامره ونواهيه تفكر فى نقد بناء لتصحيح المسار ..
مميزة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
أخيتى العروس (٤)
النصيحة السادسة :
أنت لستِ سلعة تُباع وتُشترى
في نصيحتي السابقة لكِ أخيتى الغالية ،حذرتك من فتنة
المال.. وما تلك النصيحة إلا امتداد لسابقتها.. فيجب أن تدركي جيداً أنك لستِ سلعة
تُباع وتُشترى.. بل جوهرة ثمينة لا تُعطى إلا لمن يستحقها خُلقاً وديناً وليناً ووداً.
فإذا وجدتِ
بُغيتك ،وتأكدتِ من وجود الصفات التى ترغبينها في هذا الشريك ،إنتقلنا إلى مرحلة
فاصلة وهى مرحلة الإتفاقات المادية.. فاعلمى أن معظم العادات السائدة في عصرنا هذا
ما هى إلا مستحدثات لا أساس لها في صحيح الدين ،وإنى أعدُّها بدع وضلال ،ما ابتُغِيَ
من ورائها إلا تعسير الزواج ونشر الفتنة والفساد.. وهنا أستحضر تعريف (البوطى) لتلك
العادات البالية " أنها تلك الطفيليات التى تنبت تلقائياً وسط الحقول الفكرية للمجتمع ،فهى الحشائش
الضارة التى يجب اجتثاثها وتنقية سبيل التفكير السليم منها.. وإذا كنا قد اتفقنا
سالفاً بأن مرجعيتنا الوحيدة في جل أمورنا الحياتية هي الشرع ،فإليك رأى الدين
في الالتزامات المادية للزوج :
١-الشبكة:
هي هدية من الزوج لعروسه ،ولا ينبغى تحديد
مقدارها ،بل تركها وفقا ليساره المادى وإمكانياته دون الإثقال عليه وقد قال الرسول الكريم:
"
التمسوا خاتما ولو من حديد"
٢-المهر:
صداق العروس أو مهرها هو أمر واجب بدلائل من
القرآن والسنة.. فقد قال تعالى في محكم آياته :
"وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ"
لكن المشكلة أن الناس بدأوا يغالون في المهور
وبالتالى عزف الكثير من الشباب عن الزواج وارتفع معدل العنوسة لدى الفتيات.. وإذا
كان القرآن الكريم قد أقر المهر ،فالأحاديث الشريفة أوضحت لنا نهج النبوة في هذا
الصدد إذ قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
" خير الصداق أيسره"
وقال :
"أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"
ولو كان الخير
في زيادة المهور أو أنه دليل على خيرية المرأة وعزتها وعلو مكانتها ،لكانت نساء النبي
وبناته أعلى النساء مهوراً.. ولكن لكِ أن تعلمي أن السيدة فاطمة الزهراء أحب بنات
النبي إليه والتي تعتبر من أكمل نساء العالمين ،كان مهرها أربعمائة درهم ،أى بما
يعادل إثنى عشر ألف جنيها في عصرنا هذا.. وكذلك غيرها من الصحابيات اللاتى آثرن ان
تكون مهورهن درع وسيف.. او بقدر ما يحفظ المرء من القرآن..... وهكذا من صور
التيسير.
والمغالاة
في المهور لم تكن يوماً دليلاً على صدق المحبة وقدرها قط ،أو ضماناً للحفاظ عليكِ
،إنما الضمان الحقيقي في اتباع زوجك المرتقب أوامر الله واجتناب نواهيه جل وعلا ،وكذلك حذوه
حذو الرسول الكريم وصحابته الأجلاء..
٣-حفلات
الأعراس:
لاشك أن حفلات الأعراس تعد من مظاهر البهجة
والتعبير عن سعادة الأهل والرفاق ،ولا ضير منها إن كانت في حدود الشرع
والدين ،وبشرط عدم المغالاة بحيث يصبح الهدف من حفل العرس هو التباهى والتفاخر بين
الأقران بدءً من المبالغ الباهظة التى تنفق في حجز قاعات الفنادق الكبرى ،ومروراً
بالفرق الموسيقية والأطعمة وفستان الزفاف المستورد ذى العلامة التجارية المعروفة
والكوافير..... إلخ.
وتعتبر حفلات
الأعراس في وقتنا الحاضر من العادات الذميمة التى تحولت إلى فرائض في حياة الناس
دون أن يكون لها سند شرعى.. فلا تبدئي حياتك بالغناء والرقص والزينة أمام غير ذوى
المحارم ،كما واعلمى أننا سنُسأل عن تلك الأرقام الخيالية التى يتم إنفاقها هباءً
في الهواء في حفلات الأعراس في حين يوجد الالآف ممن يُعتبرون أكثر استحقاقاً لتلك
الأموال.. فالسعادة ليست في اشياء مؤقتة بل السعادة في القلب .. السعادة في ان
يجمعك الله بشريكك في بيت دعائمه السكن والمودة والرحمة.
٤- آثاث
المنزل..
الأصل
الشرعى أن يتولى الزوج تأثيت المنزل بالكامل ولكن دون مغالاة أو شروط مجحفة من قبل أهل العروس ،ذلك كيلا تنتقل قدسية الزواج إلى مفهوم
تجارى بحت يفوز فيها المقتدر ويعزف الفقير عن الزواج ولو كان أكثر كفاءة.. فالقصد والاعتدال مقصود
شرعى في أمور الدين كلها ،وخير الأمور أوسطها.. وإن من التيسير أن يتواضع أهل الفتاة
في المواصفات المادية لمن يرغب في الاقتران بابنتهم.
وإذا كان
الكمال لله وحده ،فإن النقص من طبائع البشر.. فيجب على أهل العروس التفرقة بين ما
هو أصلى وما هو عارض وبين النقائص التى يمكن تعويضها في أمور أخرى ومالا يمكن
تعويضه. .
وقد قال
تعالى في محكم التنزيل:
"وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ
مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا
فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
فالفقر
من النقائص التى يمكن تعويضها مستقبلاً ،ليغنكم الله من فضله وسعته..
ومن أسباب
البلاء هى المغالاة في تأثيث بيت الزوجية وشراء مالا يلزم ،لتتحول البيوت إلى
متاحف أو مخازن ،تُعرض فيها ألوان متعددة من الأثاث الذى لا يستعمل وليس منه كبير
فائدة.. ويكون فقط بقصد التباهى والتفاخر مما يقطع قلوب الفقراء الذين لا يستطيعون
لمثله سبيلاً ،وينشر الحسد والبغضاء ،بل قد يسهم في انهيار بعض الأُسر ذات الدخول
المحدودة إذا استشرى داء المقارنة والرغبة في تقليد ومحاكاة هؤلاء المغالون ،كما
قد تؤدى تلك المغالاة إلى إستدانة العريس
أو ذويه لتلبية رغبات أهل العروس.
ومن المعلوم
أن الدَين مجلبة للهم والذل ،وقد استعاذ منه النبي الكريم في دبر كل صلاة إذ
كان يقول:
"واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"
فلا
تثقلى على من ارتضيتهِ رفيقاً لحياتك المستقبلية واعلمى أن هذا الإسراف والتباهى فيهما نهى شديد
كما ورد في الحديث الشريف :
" كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة"..
أعرف أنكِ
ستقولين أن الإسلام لم يدعُ إلى التقشف المطلق بل إلى التجمل وطيب الحياة ،ولن أعارضك
يا غاليتى وإنما انتبهى إذ يجب أن يكون ذلك الطيب بقصد واعتدال ودون إفراط أو
تفريط.. وتذكرى أن من صفات عباد الله المؤمنين كما أبلغنا جل وعلا :
"وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ
بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا"
وقال:
"وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا
كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا"
وتذكرى
دائماً : "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"
وإن رجلاً بنى نفسه بنفسه من حلال ،خيرٌ لكِ من رجل
ساعده أبواه في كل شئ ،ولو لبى لكِ الأخير جميع متطلباتك..
فالمعاناة التى لقيها الأول في رحلة بناء مستقبله ستقف حجر
عثرة أمام رياح الهدم.. بينما الآخر الذى قُدّم له كل شئ على طبق من فضة فلن يعجزه
التخلى عنكِ عند أول مشكلة قد تواجهكما -إلا من رحم ربي- فوالله إن تجدي زوجاً
يتقى الله فيكِ لهو خيرٌ من الدنيا وما فيها.
النصيحة السابعة:
إياك والمقارنة
حذار يا حبيبتى من الوقوع في براثن المقارنة بين نظيراتك
من الأهل والصديقات.. فتلك أحضر لها خطيبها شبكة بمبلغ كذا ،وتلك أثثت منزل
الزوجية من محل كذا المعروف.. وتلك أقيم حفل عرسها في فندق كذا الشهير.. وتلك أحضر
لها زوجها ثوب زفافها من أوروبا...........
فإذا أسلمتِ ذاتكِ لدوامة المقارنات ،ستبتلعك لا ريب ..وستدورين
بها طيلة حياتك ،ولن تستطيعين النجاة منها قط.. وستلازمك تلك العادة السيئة على
الدوام لتنغص حياتك قبل وبعد الزواج..
١-المقارنة بمن هم أيسر حالا مزدراة شرعاً ،إذ تُذهب الرضا والقناعة من
القلب ليحل محلهما الغم والهم ،وتصبح مدخلاً للبطر والكفر بأنعم الله التى لا تحصى
وفيها قال الرسول الكريم:
"أقلُّوا الدخول على الأغنياء ،فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عز
وجل"
٢- المقارنة تورث التعاسة ،اذ لن يخل البيت من شجار مع كل مقارنة جديدة مع نظيراتك ممن هن أفضل حالا منك على الصعيد المادى.. فما أقسى أن يشعر الرجل بضآلته فيما لا يملك ،لأن الرزق بيد الله وحده.. فإن صبرتِ على ضيق حاله ،وشاركتِه رحلة كفاحه ،فثقي أن يد الله ستكون معكما ،فالله يتولى الصالحين ،وإنما إسمه الرزاق لأنه يسبب الرزق وقتما يشاء ،وكيفما يشاء.. فإن وجدتِ الرجل صالحاً ،فلا تُرهقيه بمتطلبات مادية لا تسمن ولا تغنى من سعادة..
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"
فالله عز وجل يرزقنا بما فيه خيرنا وصلاحنا ،وإن استعجال الرزق يكون من أسباب منعه.. وقد يكون في المنع حكمة ،كأن يريد الله أن نلح في دعائنا إليه ليستجيب ويحقق رجاءنا.. وقد يكون الخير في المنع ،والشر في المنح كما في قوله تعالى :
"فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"
وقوله
تعالى:
"وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ
دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا"
لذا كانت
نصيحتى السابعة لكِ هي تجنب المقارنات ،وتيقني أنه بالصبر والقناعة يُنال كل عزيز.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق