بحث هذه المدونة الإلكترونية
تفكر فى تجارب وخبرات حياتية تفكر في آيات الله وأوامره ونواهيه تفكر فى نقد بناء لتصحيح المسار ..
مميزة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
أخيتى العروس (٣)
النصيحة الرابعة:
إتقي الله فيه كما تريدين منه ذلك
فكما قال الله عز وجل في محكم آياته " الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات " ،فإن أردتِ أن يكون غاضاً لبصره ،فلتغضي بصرك أولاً.. وإن أردتِ أن يقوم ليله ،فلتقومي ليلك ولتعينيه على ذلك ،وإن أردتِ منه الحنان فامنحيه بقدر ما تريدين.. وعلى ذلك فقيسي.. ولتعلمي أن مناط اختيار الرجل لزوجته ،هى تلك المعايير التى وضعها سيد الأنام وذُكرت في الحديث الشريف
" تنكح المراة لاربع ،لمالها وجمالها وحسبها ودينها ،فاظفر بذات الدين تربت يداك"
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
واعلمى أن تقوى الله هي السبيل لكل النعم ،فقد منَّ الله على نبيه يوسف عليه السلام ،بعد كل ما جابهه من مصائب وابتلاءات ،فقط لانه صبر واتقى.. فقال تعالى :
" إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"
فالتقوى كما عرَّفها الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه هي " الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل "
فتزودى بتقوى الله ،وابحثي عنها في خُلق شريككِ المرتقب ،تقيكِ وتقيه مصارع الدنيا وفتنها..فاتقى الله فيه وكونى له كما تريدين أن يكون لك.
النصيحة الخامسة:
المال فتنة ،فاحذري الوقوع فيها
تذكري أخيتى الغالية ،إنما المال مجرد وسيلة لا غاية ،لذا لا يغرنك ثراء الرجل.. فالدنيا دار ابتلاء لا دار قرار ،فكل مفارقها إلى حياة سرمدية لا ينفعه فيها إلا العمل الصالح .. والدين هو معيار الاختيار وليس المال كما أخبرتك سالفا بحديث رسولنا الكريم :
"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ،الا تكن فتنة في الارض وفساد كبير"
واعلمى أنه كما كانت النساء فتنة بنى اسرائيل ،فإن المال هو فتنة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،لذا نصح الحكماء قارون فقالوا له:
"وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"
فمقصوده عز وجل من كل ما حبانا به من نعم هو أن نطلب بها حسن ثواب الاخرة ، ونتقى بها عذابها.
والمال شأنه شأن كل النعم الأخرى.. فإن كانت بغيتنا الأولى هي أن نتحرى به السبل إلى رضا الله وثوابه في الآخرة ، والبعد عن حرامه اتقاء غضبه وعذابه.. فإننا يجب أن ننتبه ،فنحتفظ من المال بما نكفي به أنفسنا ومن نعول ،إتقاء العوز ومسألة الناس.
وإذا بحثتِ يا غاليتى عن ذكر " المال " في القرآن والسنة ،فلن تجدي خيريته إلا في حال الإنفاق في سبيل الله ،وكفاية العوائل.. أما فيما عدا ذلك فهو مذموم ،إذ يكون فتنة لصاحبه ،ووسيلة لتيسير الحرام ،والعلو في الأرض بغير الحق.. فلا يغرنك الغنى فقد يكون شراً ملثماً ،وارضي بما قسم الله لكِ واعلمى أن الغنى الحقيقى إنما هو في الرضا وقد اخترت لكِ بعضاً من آيات كريمة لتكون دليلك ونبراسك ،من باب "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين":
١-لا تفرحى بمن يدخر المال والجواهر ويجعله غايته ومأربه ثم يضن بإنفاقها في سبيل الله ،سيجعلها الله وبالاً عليه ،فيسومه سوء العذاب يوم القيامة بما اكتنزه ،فهل هذا هو المصير الذي ترتجينه لشريكك المستقبلى وقد قال في كتابه العزيز:
"وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ "
٢-الكبر والإعراض غالباً ما يتلبسا أصحاب المال ،فلا يمتثلون للنصح ،بل يعرضون مستكبرين ،فقد يبدل المال حال شريكك الى ما لا تطيقين ،فينظر اليك من علٍ بما يقهر روحك ،فلا تفرحى بكثرته.
ولعل لنا عبرة ومثلا في قصة (قارون) التى أوردها الله في سورة القصص :
"إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِين وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ"
٣-أخيتى.. لا تتمني سعة الدنيا والغنى ، وتذكرى "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم"
فالله جلّ ثناؤه يعلم بما يصلح عباده ويفسدهم من غنى وفقر وسعة وإقتار, وغير ذلك من مصالحهم ومضارهم, لذا يصرفهم بعلمه الى ما فيه صلاحهم.. ولو بسط الرزق لهم بلا حساب لبغوا, وتجاوزوا الحدّ الذي حدّه لهم ولكنه ينـزل رزقهم بقدر كفايتهم التي يشاء منها. وذلك لقوله تعالى:
"وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ"
وكما قال رسولنا الكريم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم :
" أخْوَفُ ما أخافُ على أمَّتِي زَهْرَةُ الدُّنْيا وكَثْرَتُها"
فقال له قائل: يا نبيّ الله هل يأتي الخير بالشرّ؟ (يقصد أن المال خير فكيف يأتى بالشر وكيف يخاف الرسول منه على أمته) فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
" إنَّ الخَيْرَ لا يأتِي إلا بالخَيْرِ ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألمّ فأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه فى سبيل الله التي افترض وارتضى فذلك عبد أريد به خير, وعزم له على الخير, وأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه في شهواته ولذّاته, وعدل عن حقّ الله عليه, فذلك عبد أريد به شرّ, وعزم له على شرّ" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
٤-الغنى والترف مرتع للفسوق ،والفسوق يؤدى إلى غضب الله وإنزال العذاب.. لقوله تعالى:
"وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"
أراكِ تتساءلين : ألم يكن معظم صحابة رسول الله المقربين أغنياء؟ فأجيبكِ يا حبيبتى بنعم ،لكنهم رغم غناهم ،فأحدهم لم يتوانَ قط عن إنفاق جل ماله في سبيل الله ،وإن لم يتركوا لأهليهم منه شيئاً.. فها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتبارى مع أبي بكر الصديق.. يذهبان للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيتقدم عمر بنصف ماله في سبيل الله ،ثم يأتى أبو بكر فيقدم كل ماله في سبيل الله .. وعندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا تركت لأهلك ؟ قال تركت لهم الله ورسوله..وهاهو عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل ينفق قافلة تجارته -المكونة من سبعين راحلة محملة بالبضائع- كلها في سبيل الله ،ذلك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوماً : "رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً"
وهاهو سعيد بن عامر عندما وُلى إمارة حمص في عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ،خرج ومعه زوجته وكانا حديثا عهد بالزواج.. فأرادت امرأته أن تستثمر مالهما ،فأشار عليها أن يعطوا المال لمن يتاجر لهما به ،فتخوفت المرأة من الخسارة ،لولا أن قال لها ساجعل ضمانتها عليه.. ثم اشترى ببعض المال ضروريات معيشة المتقشف ،ووزع بقيته على الفقراء والمحتاجين.. وكانت كلما سألته عن المال ،قال لها : إنه ينمو ويزداد.. فلما علمت مصادفة بما فعل بكت.. فراح يقول لها:
"إن لى رفاق سبقونى إلى الله وما أحب أن أنحرف عن طريقهم.. ولما خشي أن تدل عليه بجمالها قال: تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحسان ،ما إن أطلت إحداهن على الأرض لأضاءتها جميعاً ،ولقهر نورها نور الشمس والقمر معاً.. ولئن أُضحى بك من أجلهن أحرى وأولى من أن أضحى بهن من أجلك"
وقبل الصحابة ،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالاً في حسن إنفاق المال بلا إسراف ولا تقتير.. فلما تمردت زوجاته وطلبن المزيد أنزل الله عز وجل آياته:
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا "
ولم يقتصر الأمر على نساء النبي ،وإنما بين الله تعالى مآل الذين يلهثون وراء الدنيا وزينتها ،اذ قال في محكم التنزيل:
"مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
٥- جملي روحك بالرضا والقناعة..
فاعلمى يا غاليتى أن النفس لا تشبع.. فإذا أتاها ما تطمح إليه قالت هل من مزيد.. فالقناعة القناعة.. والرضا الرضا.. ولا تثقلى كاهل شريكك بمطالب لا تنتهى ،تشعره بالعجز بينما لا يستطيع الوفاء بها ،فحتى وان جاهد لتحقيقها ارضاء لك ،فستترك كلماتك حتماً ندبة في قلبه وتخلف تراكمات توغر صدره تجاهك ،فيتعكر بينكما صفو المودة والحب.. ولعل حسن تدبر الأمر في قول عمر بن عبد العزيز : كانت لى نفس تواقه فكنت لا أنال شيئاً إلا وتاقت لما هو أعظم منه.. فلما بلغت نفسي الغاية ،تاقت للآخرة .. فتلك هي الغاية الحقة.. ربما المال أحد وسائلها.. نسال الله الغاية ووسائلها في سبيله.
فلتسعي أولاً لأن تكونى كما أراد الله ،وتستغلى نعمه عليك في طاعته رغباً في جنات عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين.. ورهباً من يوم تشخص فيه الأبصار في مشهد عظيم.
ثم تأتى خطوة اختيار شريكك المستقبلى ،ليكون المحدد في ذلك هو تقارب قناعاتكما وامتثالها للدين بما يرسم خارطة السعادة والفلاح في حياتكما الوليدة..
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق